Tuesday, January 8, 2008

{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّه }


قال تعالى



الفرق بين " المُحْكم " و " المتشابِه " :

يخبرنا الله تعالى أن هناك آيات محكمات في القرآن -أي لايحتملون إلّا معناً واحداً- .. وهناك آيات متشابهات -أي تحتمل عدة معانٍ-

ويخبرنا الله سبحانه بأن أهل الحق يردّون المتشابه إلى المحكم ليتسق الكتاب كلّه .. وبالطبع ليس هناك فرق بين المحكم والمتشابه في المعنى ولكن المحكم لا يحتمل إلّا معناً واحداً أمّا المتشابه فيحتمل أكثر من معنى فنحمله إلى المحكم فنفهم المعنى .


الفرق بين " تأويل المعنى " و " تأويل الكيفيّة " :

والتأويل في هذه الآية لايعني تفسير المعنى .. فليس هناك في القرآن طلاسم .. وكلّ آية في القرآن لها تفسير كما قال الله سبحانه وتعالى :
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ

فيكون معنى التأويل في هذه الآية كما جاء في قوله تعالى :
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ


فيكون معنى التأويل في الآية : تفسير الكيفيّة وليس تفسير المعنى .

ومن الآيات المتشابهات .. الآيات التي تخبرنا بالغيب .. وبما حدث ويحدث وسيحدث مما يتعلّق بالغيب فقط .. فهذا لا ولن نعلم تأويله - أي تفسير كيفيّته - إلّا بعد حدوثه !

ولتوضيح هذه النقطة سأضرب مثالاً كما جاء في قصّة يوسُف عليه السلام .. قال تعالى :





فيتّضح من هذه الآيات .. أن للتأويل معنيان .. الأوّل : " تفسير المعنى " وهو الذي فهمه يوسف ويعقوب عليهما السلام من هذه الرؤيا الغيبيّة .. فقد علما أن الأحد عشر كوكبا هم إخوانه وأن الشمس والقمر هما أمه ويعقوب عليه السلام .. أي أنّهم سيخضعون له في النهاية .. وهذا هو تفسير معنى الرؤيا -أو تأويل المعنى-
أمّا تفسير الكيفيّة
- تأويل الكيفيّة - فبالطبع لم يعلماه .. فهل كان يخطر على بال يوسُف عليه السلام أنّه سيصبح وزير المال ؟
بالطبع لا فلا يعلم تأويل الكيفيّة إلّا الله سبحانه ولهذا قال :



هل المتشابه لا يعلم تأويله إلّا الله ؟

إذا كان المقصود بتأويل المعنى .. فالجواب لا .. فنحن نعلم تفسير المتشابه ونعلم معاني الأمور الغيبيّة التي أخبرنا الله تعالى بها .. فنحن نعلم أن هناك جنّة ونار .. وأنّ الجنّة فيها فاكهة وماء وعسل وأنهار .

أمّا إن كان المقصود بتأويل الكيفيّة .. فالجواب نعم .. فنحن لا نعلم كيف تجري هذه الأنهار .. وكيف يكون شكل هذه الفواكه وطعمها إلّا بعدما نراها إن شاء الله .

محاولة تأويل الغيبيّات بعلم المنطق

إنّ علم المنطق هو مجموعة من التفسيرات العقلانيّة التي تنتج عن المشاهدة والإستقراء .. وهذا العلم لا يطبّق على الأمور الغيبيّة لغياب المشاهدة والحس .. فإنّنا لا نعلم الكيفيّة .. فمثلاً : إذا أغلقت الباب .. ودخل رجل من هذا الباب .. فمن المنطق أن يكون الرجل قد فتح الباب ثمّ دخل .

ولكن عندما نأتي للغيبيّات فلا نستطيع تطبيق المنطق عليها لأنّها بلاشك أمور غيبيّة فنحن لا نمتلك الأدوات لوضع قوانين منطقيّة تسير هذه الأمور عليها .
على سبيل المثال : كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول قبل الشروع في الصلاة :
أقيموا الصفوف فإنما تصفون كصفوف الملائكة حاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفا وصله الله


قد يتبادر إلى ذهن البعض .. أن الشيطان إذا لم يمر من بين الصفوف .. سيمر من بين أقدامنا !
وهذا مغالطة فكريّة .. لأننا لا نعلم كيفيّة مرور الشيطان من بين الصفوف لأنه من الأمور الغيبيّة التي لاتخضع للمنطق .. وهذا مثال على قوله تعالى
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ

فليس لنا إلّا أن نؤمن ونقول
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا

والله أعلم

1 comment:

Anonymous said...

ما معنى "كهيعص" إذا؟